هل إستثنت فرنسا إبنتها “الجزائر”من القوة العسكرية المشتركة لمحاربة الإرهاب بدول الساحل؟
يخلط طلب الرئيس الحالي لمجموعة دول الساحل، إبراهيم أبو بكر كيتا، من المجتمع الدولي مساعدة عاجلة لإنشاء قوات عسكرية، أوراق التعاون بين دول المنطقة المتفق عليه عبر آلية ”دول الميدان” بعد مضي سبع سنوات على إنشائها.
وموازاة مع اجتماع آلية دول الميدان في نواكشوط والتي تضم الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا بهدف تبادل رؤساء الأركان التحاليل والآراء حول تعزيز التعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب، كان الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا الذي يتولى الرئاسة الدورية لمجموعة الساحل وتضم موريتانيا وتشاد ومالي والنيجر وبوركينا فاسو، يطلب من مجلس الأمن الدولي مساعدة لإنشاء قوة عسكرية، وهو ما يخالف البيان المشترك بين دول الميدان ومما ينص عليه رفض التدخل العسكري الخارجي، خاصة وأن الجزائر تركز على أهمية مكافحة الإرهاب العابر للحدود عبر التعاون المشترك بين دول الجوار ومنع تنقل الإرهابيين.
وقال اللواء شريف زراد، رئيس دائرة الاستعمال والتحضير لأركان الجيش الوطني الشعبي، خلال مشاركته في الاجتماع بنواكشوط، إن مكافحة ظاهرة الإرهاب العابرة للحدود، تتم في إطار تعاون واضح وصريح مع بلدان الجوار. وأضاف ممثل نائب وزير الدفاع الوطني، الفريق أحمد ڤايد صالح، أنها ترتكز على إجراءات تكميلية تهدف إلى منع الإرهابيين من حرية التنقل، وعزلهم عن عملائهم وشبكات تموينهم، معتمدين بالدرجة الأولى على قدرات المقاومة الذاتية لكل دولة مع التعاون المتبادل، لأن الإجراءات المتخذة من طرف بلد لوحده لا يمكنها تحقيق الهدف المنشود.
بيد أن إصرار مالي على طلب مساعدة من مجلس الأمن الدولي لإنشاء قوة عسكرية مشتركة تتألف من قوات خمسة بلدان في منطقة الساحل قد يخلط الأوراق مجددا في المنطقة.
وخلال اجتماع لمجلس الأمن مخصص للأمن في إفريقيا، طلبت مالي من البلدان الصديقة والمنظمات الدولية الشريكة المساعدة في تأمين الموازنة لهذه القوة العسكرية.
وتقدر الموازنة السنوية لهذه القوة المؤلفة من خمسة آلاف عنصر بـ423 مليون أورو، لكن حتى اليوم لم يتم تأمين سوى 108 ملايين يورو.
وأوضح السفير المالي أن تأمين ”المعدات اللازمة للقوات العسكرية من بين الاحتياجات المباشرة للدول الخمس المشاركة في هذه القوة”، بالإضافة إلى تأمين شبكة تواصل بين الوحدات العسكرية وقياداتها والمساعدة على إجلاء الجرحى. وأشار إلى أن الهدف هو نشر أولى الوحدات في أكتوبر المقبل. في المقابل، تغذي الهجمات الإرهابية في مالي وبوركينافاسو ونيجيريا مشروع عودة فرنسا إلى منطقة الساحل الإفريقي خاصة وأن لها سوابق في شن عمليات عسكرية كبيرة لإسقاط حكم هذه التنظيمات في شمال مالي.
واللافت أن دور مبادرة دول الميدان التي تضم الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر وتأسست في مدينة تمنراست العام 2010، هو نفسه الدور الذي أنشأت لأجله فرنسا قبل أشهر المنظمة الأمنية الإقليمية المتخصصة في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والجريمة المنظمة، التي تضم كلا من موريتانيا والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وتشاد، من أجل التنسيق بينها لمواجهة الجماعات الإرهابية.
ورفضت الجزائر عرضا فرنسيا العام الماضي يقضي بالانخراط في مجموعة دول الساحل، بسبب أن الجيش غير مخول بالتدخل والمشاركة في عمليات عسكرية خارج التراب الوطني، كما أثار مراقبون مسألة إنشاء مجموعة الساحل للتدخل السريع والتداخل العملياتي بين المنظمتين.
ويقول مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في بيان له عقب هجمات واغادوغو الأخيرة، إنه اتفق على ضرورة الإسراع في تشكيل القوة الجديدة. وأضاف البيان أن الرئيس الفرنسي ونظيره البوركينابي ”سيتواصلان معا مجدداً خلال الأيام المقبلة ومع رؤساء دول آخرين في المنطقة بشأن التقدم الذي تم تحقيقه” في هذا الصدد.
ومع أن ماكرون قال إن باريس ليست لديها خطط لسحب القوات الفرنسية وتعدادها حوالي 4 آلاف جندي، إلا أن بعض الخبراء أكدوا أن مبادرة مالي وموريتانيا وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد تشكل الأساس لاستراتيجية تسمح في نهاية المطاف بانسحابهم من المنطقة.
كلمات مفتاحية: